مقالات واراء

انزلاق الشباب في دائرة أصدقاء السوء

احجز مساحتك الاعلانية

كتبت_عبيرقاصد
لماذا يتعرف الشباب على أصدقاء السوء ؟ وهل من السهل أنْ يقلد شاب شابًّا آخر غيره عندما يراه يشرب السيجارة، أو يتناول نوعًا من المخدِّرات؟ والرد على هذين السؤالين يتمثل في:
إنَّ الشباب يلجأ دائمًا إلى الحماية، ويبحث عن الصدر الحنون الذي يتلقَّاه، ويعيش آلامه وأحزانه ومَشاكله، وإلى من يستمع إليه، ويُشاركه في الهروب من واقعه، إذا كان بالفعل يعيش بعضَ المشاكل في محيط أسرته، أو مدرسته، أو في الجامعة، أو في العمل.
وقد يكون الصدر الحنون هو صدرًا زائفًا مُخادعًا، يدفع على الفساد، ويسعى إلى تحطيم الشباب، ويتمتع بأن يرى كُلَّ يوم فريسة أو أكثر للشَّباب الخداع، الذي ينصبها كل يوم لهذا الغرض.
وهذا الصَّدر الحنون هم رفاق السوء، وأفراد الشرِّ والضَّلال من التائهين والضَّائعين، أو من اللصوص المتاجرين بالسموم؛ كي يُحققوا الثَّراء على حساب جثث ضحايا هم من الشباب.
فالشباب يبحث عن الحب والتفاهُم، ويسعى لكي يجدَ ذلك من أي مصدر، خصوصًا إذا افتقدوه في محيط أسرتهم، ومن ثم ينبغي على الوالدين أنْ يعاملا أبناءهما بكل ودٍّ وحب، فالحب خير وقاية للشباب من الدخول في دائرة الانحراف والإدمان.
التقليد الأعمى – أسبابه ودوافعه:
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل من الممكن أنْ يقلد الشباب غَيْرَهم في تعاطي المخدِّرات؟
نعم، من الممكن أن يتعاطى الشَّباب المخدِّرات لمجرد التَّقليد، خصوصًا إذا ما كان المتعاطي ذا جاه، أو مركز، أو شهرة.
يصادقه، ويتشبه به دون وعي أو تمييز، ودون معرفة لحقيقة أمر هذا المثل الأعلى بالنسبة له، وهو في الحقيقة مثل سيِّئ، يَتَوارى بالمظهريَّة الكاذبة وراء ستار السُّلالة أو الجاه من كل أنواع الفسق والضلال.
وعليه؛ فإنَّ هناك أسبابًا وعوامل هي التي تؤدي بالشباب إلى الانحراف والإدمان والتقليد الأعمى ومنها:
1- انشغال الوالدين أو أحدهما عن الأبناء؛ لظروف العمل المستمر، أو السفر، أو مرض مزمن، فلا رقابة هناك، ومن ثم يفعل الأبناء كلَّ ما هو متوقع، وما ليس متوقع.
2- لجوء بعض الآباء إلى القسوة والعُنف والشدة في تربية الأبناء، فذَوَبان الود والحب والحرمان منهما يدفع الشباب إلي البحث عنه، والاحتماء بأيِّ صدر حنون، حتى ولو كان هذا الصدر الحنون خداعًا.
3- عدم تشجيع الوالدين لأبنائهما قد يكون سببًا في الانحراف.
ومن ثم لا بد من المشاركة المعنوية، والاهتمام بالأبناء، وعدم اللجوء إلى العنف؛ حتَّى لا ينزلق الشباب في دائرة الانحراف.
أنواع المخدرات، وأضرارها:
أنواع المخدرات كثيرة، لكننا آثرنا أن نبدأ بالبانجو؛ لأنَّه انتشر بصورة مذهلة في الآونة الأخيرة، تعاطاه الصغير والكبير، بل وصلت الدرجة إلى أنه أصبح يتعاطى عيانًا.
البانجو سهل الحصول عليه، وسهل التناول، وهو يلف في سجائر، ويُسمَّى: (الصاروخ)؛ لأنه يلف في الورق على شكل مخروطي.
الآثار الضارة للبانجو:
1- إن المادة الفعَّالة للبانجو يُؤدي تعاطيها بأي وسيلة لحدوث تَلَفٍ في خلايا المخ المسؤولة عن الذَّاكرة، وبمرور الزمن يفقد المتعاطي ذاته، ويقل تبعًا لذلك ذكاؤه، وتسبِّب هذه المادة العقم عند الرِّجال.
2- كما أنَّها تتسبب في سرطان الفم والرِّئة بدرجة أكبر مما يُحدثه النيكوتين، كذلك له آثار نفسيَّة سيكولوجيةَّ مثل: الهلوسة، يتصور المتعاطي رُؤيةً أشبه بالأحلام بها أشباح مَخلوقات، وأناس يحومون حول الشخص المتأثر بالمخدر.
3- والإحساس المفرط بجمال الألوان، والشُّعور بأنها زاهية، ومعبرة عن الراحة والبهجة، والجنوح إلى الهدوء، وعدم الحركة، والبعد عن الضَّوضاء.
4- كما يخرج المتعاطي عن ذاته، ومراقبة جسده في تحرُّكاته وتصرفاته، وعدم الاهتمام بهذا الجسد المتحرِّك قد يعرِّض الشخصَ لكثير من الحوادث، فضلاً عن أنَّ المتعاطي تنمو بداخله الرَّغبة في الانتحار.
5- كما أنَّه يصيب معظم خلايا الجهاز العصبي، ويشعر المتعاطي بالخوف، والاضطراب والتبلُّد، وضعف السَّمع، وكوابيس مخيفة، ويعاني الهلعَ، كما يؤدي إلى حدوث اضطرابات ذهنية، وضَعْفٍ في الإدراك، فيؤثر على مناطق الذَّاكرة والتركيز في المخ.
6- كما يضر الرِّئة والمسارات والحويصلات الهوائيَّة، ويسبب سرطان الفم والمريء والبلعوم.
7- البانجو ينتج عنه شعور بالكسل، والتَّراخي، وبالتَّكرار يتعود الشخص عليه؛ للتَّخلص من حالة الكآبة التي تُلازمه، والتي تتزايد بمرور الوقت، ويترتب على ذلك إدمانُه، وضعفُ المناعة؛ بسبب انخفاض عدد كرات الدَّم البيضاء.
8- قد يعاني المدمن نوباتِ صرع، فيشعر برعشة في يديه، وتوتُّر عصبي، وميل إلى القَيْء، وصُعُوبة النوم والقلق، ومع تزايد الكمية التي يتعاطاها قد يحدث التسمم ثم الوفاة.
وغيرها من الأضرار، والأمراض التي تُودي بحياة الإنسان، وتجعله شخصًا خامدًا هامدًا، لا حراكَ له، ولا نفع منه، هل يُمكن لِجُثَّة هامدة أن تُسهم في بناء الأمة والمجتمع؟! هل يُمكن لشخص كسول، فاقد التركيز، مليء بالأمراض أن ينهض بوطنه؟!
بالطبع لا، فبناء الوطن يحتاج إلى أبناء أصحاء نفسيًّا وعضويًّا وعقليًّا؛ لكن البانجو أذهب كل شيء، فمات الشخص إكلينيكيًّا، ومات معه مجتمعه حضاريًّا.
ومن ثم نناشد المسؤولين، ورجال الأمن، والحكومة – محاربةَ هذا البانجو، ومصادرته في كل مكان، ومعاقبة كل مَن يحمله بالتعاطي أو الاتِّجار.
ظاهرة تدخين الشيشة:
ظهرت هذه الأيام ظاهرة غريبة، هي تدخين الشيشة على الأرصفة والمقاهي، شباب في عمر الورد، يُمسك في يده الشيشة، ويخرج من أنفه وفمه الدُّخان القاتل، ويرتسِم على وجهه علامات السَّعادة الغامرة، رَغْم أن تدخين الشيشة أكثر خطرًا من تدخين السجائر، وكلاهما يسبب السَّرطان، كما أن تدخين الشيشة يسبب نقل العدوى الميكروبيَّة والفيروسيَّة من شخص لآخر، وقد عاد الدرن الرئوي أشد شراسة؛ بسبب تدخين الشيشة.
إن مادة “القطران” الداخلة في صناعة (معسل الشيشة) هي مادة مسرطنة، تدمر جدران الحويصلات الهوائيَّة، وتسبب تمددها.
إدمان الخمور:
1- إنَّ إدمان الخمور والكحوليَّات باختلاف أنواعها قد يُؤدي بمرور الوقت إلى تلف أنسجة الجسم، كما يُؤدي بدوره إلى تليُّف الكبد، فتختل وظائفه، ويزيد ضغط الدَّم في الوريد البابي إلي حدوث دوالي في المرِّيء، ونزيف من تلك الدوالي.
2- كما يحدث التهاب مُزمن في المعدة، وتقرحات بالغشاء المخاطي المبطن لها؛ مِمَّا يساعد على حدوث نزيف من الجهاز الهضمي، مع تفاقُم اختلال وظائف الكبد، ويشعر معه الشخص بالإعياء لأقل مجهود.
3- ويزيد منسوب مادة الصفراء في الدم، ويتغير لون الجلد.
4- كما يتأثَّر المخ نتيجة لإدمان الخمر، وتبدأ الوظائف العقليَّة في الانحلال، وتختل الذاكرة، وتقل القُدرة على التركيز في العمل، ويتغير سلوك المدمن الاجتماعي، وقد يميل إلى العُدوانية والشَّراسة، كما يفقد احترامه لنفسه، وللآخرين، وقد ينتهي الأمر بالمدمن إلى الجنون.
5- كما يُعاني مدمن الخمور حالةَ هياجٍ ورعشة واضحة، وهلاوس بصرية، وإحساس كاذب بالاضطهاد.
6- يصاب مدمن الخمور بمرض (فيرنيك)؛ نتيجةً لنقص فيتامين (ب1 الثيامين)، وأعراض هذا المرض تشمل: الهذيان، ومشية غير ثابتة، وتنميل وشكشكة في اليدين والقدمين؛ بسبب التهاب في الأعصاب، كما يحدث أحيانًا شلل في العضلات المحركة للعين، واضطراب في الرُّؤية.
7- كما يصاب مدمنو الخمور بمرض (كورسا كوف)، وهو مرض نفسي يتميَّز بوجود اضطرابات مميزة في الذَّاكرة، مع التهاب في الأعصاب، والمريض في تلك الحالات يفقد القُدرة على تعلم شيء جديد، وينسى ما فعله خلال خمس دقائق، وقد يتوهَّم في نفسه العظمة، ولا يدرك حقيقة أمره.
إدمان العقاقير:
إدمان العقاقير يعرف بأنَّه حالة تسمم مُزمن، راجع إلى تَكرار تعاطي عقار مُعين، مع الرَّغبة الشَّديدة في استمرار تعاطي هذا العقار بجرعات مُتزايدة، وفي تلك الحالات يصبح المدمن محتاجًا نفسيًّا وجسمانيًّا لهذا العقار، ولا يستطيع الاستغناء عنه بسهولة، بالرَّغم من التأثيرات الخطيرة الضارة التي يحدثها العقار في بدنه.
والعقاقير التي تسبب مثل هذا النوع تشمل: المورفين ومركباته، والأفيون، والهيروين، والكوكايين، والأمفيتامين، وعقاقير الهلوسة والحشيش في صورة حقن، وأقراص، وبودرة، وخطورتها تكمُن في الأمراض النفسيَّة التي تُؤدي إليها، والحالات العقلية الشاذة التي تقود إلى حدوث الكثير من الجرائم البشعة.
الحشيش وأضراره:
1- ينتج عن تعاطي الحشيش حالة من التهيُّج، وفقد التحكم في النفس، مشابهة للحالة التي تحدُث نتيجةً لشرب الخمر، ويُصاحب ذلك تخدير في الجسم، عندما يتزايد التأثيرُ يفقد الفرد القُدرة على التوافُق العقلي، بمعنى أنه لا يستطيع القيام بمجهود عضلي مُتناسق، أو يؤدي حركاتٍ عضليةً دقيقة تحتاج إلى مهارة خاصَّة، حتَّى لو كان سبق التدريب عليها.
2- كما أنَّ الجرعات الكبيرة تحدث تنشيطاتها في الجهاز العصبي، وتؤدي إلى حدوث غيبوبة، وفشل في الجهاز التنفسي.
3- كذلك يعاني مدمن الحشيش الهلوسةَ، ويَجنح به الخيال، ويصبح في حالة حالمة، كما يصبح قليلاً للإيحاء، والاقتياد لغيره.
4- كما يؤدي تعاطي الحشيش إلى ارتِخاء عضلي، وضعف في ردود الفعل المنعكسة، وبُطء في الاستجابة للمُؤثرات، واحتقان في العينين، وزيادة في الشهية، وميل للقيء في بعض الأحيان.
الأفيون وخطورته:
الأفيون يعمل على تغيير مكونات الدَّم، والتهاب في بعض المفاصل، وضعف عام، وأنيميا، ونقص في الوزن، والتهاب في مجرى البول، وخمول وسُل وأرق.
كما أنَّ تعاطي الأفيون بكميات كبيرة قد يؤثر مباشرة على ضربات القلب، ويُؤدي إلى ضيق وارتجاج في صمامات القلب.
الكوكايين:
الكوكايين ينتمي إلى مجموعة العقاقير التي يُمكن أن تستخدم في التخدير الموضعي، ومن ثم فهو يعوق توصيلَ الإشارات العصبيَّة إلى الأعصاب الطرفية، سواء كانت حسية أم طرفية.
والكوكايين سريعُ الامتصاص من الأغشية المخاطيَّة، مثل: الأغشية المخاطية المبطنة للأنف والبلعوم والجهاز التنفسي بوجه عام؛ لأنَّ تلك الأغشية غنية بالأوعية الدموية التي يُمتص الكوكايين خلالها؛ ومن ثم يُمكن للكوكايين أنْ يحدث آثارًا مختلفةً على أجهزة الجسم؛ نتيجة لامتصاصه من خلال تلك الأنسجة، وتلك الآثار هي:
1- تنشيط لمراكز عصبيَّة في الجهاز العصبي المركزي، يعقبه تثبيط أو هبوط، ونتيجة لمرحلة التَّنشيط؛ أي: الهبوط الأدنى يحدث ارتفاعٌ في ضغط الدم، وتهيج وتنشيط للتنفس، ورعشة في الأطراف، وتشنُّجات عضلية، وفي مرحلة التثبيط (الهبوط) التالية لذلك يَحدث هبوط في ضغط الدَّم، وفشل في التنفس، وغيبوبة قد تُؤدي إلى الوفاة.
2- تثبيط (هبوط) لعمل القلب، وضَعف في قوة انقباضه.
3- اتِّساع في حدقة العين يُؤدي إلى حدوث زغللة، واضطراب في الرُّؤية.
4- انقباض في الأوعية الدَّموية في الجلد، فيصبح لونه باهتًا شاحبًا، وبارد الملمس، وتزداد إفرازات العرق منه.
5- صُعُوبة في التنفس قد تُؤدي إلى حدوث زرقة الجسم.
6- كما أنَّ الكوكايين قد يُؤدي إلى أضرار بالغة ببعض خلايا المخ التي يُمكن أن يدمرها؛ مما يصيبه بعاهة مخية مستديمة، وانقباض الأوعية الدَّموية الناتج عن إدمان الكوكايين يُؤدي إلى مشاكل أنفية، وضمور في الأغشية المبطِّنة للأنف، عن طريق شم هذه الأنسجة المحيطة بها.
7- كذلك الكوكايين يعمل ضمورًا في حجم أجزاء كثيرة من المخ، ينتج عنه آثار سلبيَّة على فكر الإنسان، وقُدراته الذهنيَّة، ويفقد تدريجيًّا اتِّزانه العقلي والحركي، وتنقلب حياته ما بين العصبية الزَّائدة والاكتئاب وعدم التركيز.
8- كما يعاني مدمن الكوكايين نوباتِ الخوف والفزع والقلق، التي لا ترتبط بموقف معين، وهذه النوبات تؤدي إلى سرعة دقَّات القلب، وآلام في الصدر، وإحساس بالدوخة، يصاحبها الخوف، أو الموت، أو الجنون، ومخاوف من ارتياد الأماكن العامة.
المورفين:
المورفين عقار مُخدر يزيل الألم، بصرفِ النَّظر عن مصدره، ودون أنْ يعالج أسبابه؛ ولذلك يستخدم طبيًّا في بعض الأحيان لإزالة آلام الذَّبحة الصدرية، أو المغص الكلوي أو المراري الشَّديد، إضافةً إلي العقاقير الأخرى التي تستخدم في معالجة تلك الحالات.
ويحرم استعمال المورفين، وتكرار استعماله بدون إذن الطبيب؛ لأنَّه من السهل إدمانه عند تكرار تعاطيه.
والمورفين أيضًا يؤثر على الجهاز العصبي، فيحدثُ حالة من نقص التحكُّم في النفس، والانبساط، والميل إلى النوم، وتشوش في الفكر، كما ينشط مركز القيء في المخ، ويثبط مركز السُّعال.
كما أنَّه يحدث بُطْأً في سرعة دقَّات القلب عند تعاطيه بجرعات كبيرة، كما يحدث اتساعًا في الأوعية الدَّموية، وهبوطًا في ضغط الدم، قد يؤدي إلى دوخة وإعياء.
ومن تأثيرات المورفين بالنسبة للجهاز الهضمي، إضافةً إلى الميل للقيء – أنه يحدث إمساكًا شديدًا، كما يحدث تقلُّصات في القنوات المرارية تؤدي إلى إعاقة تصريف سائل المرارة، ويؤثر ذلك على الهضم، وعلى عمليات التمثيل الغذائي في الجسم.
وبالنسبة للعين يُؤدي إلى حدوث ضيق في اتِّساع حدقتها، وهذا الضيق من العلامات الدالة على تعاطي المورفين والتسمم به.
وبالنسبة للجهاز التنفسي قد يُحْدث هبوطًا شديدًا في مركز التنفس؛ مِمَّا يعرض حياة المدمن للخطر، كما يفقده القُدرة على السعال بسهولة عند دخول الغبار والذرات الغريبة في الجهاز التنفسي، وفقد القُدرة على السعال يساعد على حدوث التهابات بالممرات الهوائية للرئتين، والجرعات الكبيرة من المورفين قد تُؤدي إلى حدوث غيبوبة، يعقبها الوفاة.
وبعد، فهذه نبذه عن أنواع المخدِّرات، وتأثيراتها الضَّارة على جسم الإنسان، وصحته وعقله وشخصيته نخلص منها إلى:
آثار المخدرات على الفرد والمجتمع:
1- ما من شك في أن تعاطي المخدِّرات فيه دمار للفرد والمجتمع، دمار للفرد؛ حيث تقضي عليه تمامًا، وتنهك قواه، وتصيبه بالعديد من الأمراض، فيصبح شخصًا لا جدوى منه، عيالاً على أسرته والمجتمع.
2- تفسد معاني الإنسانية فيه، ويفقد الحماسة في الدفاع عن وطنه؛ بل تكسل نفسه عن اكتساب الفضائل والخلق الجميل.
3- إنَّ الإدمان قد يؤدي إلى السَّرقة، فالمدمن يريد الحصول على المخدر، وإذا لم يتوفر له المال، فإنَّه يسعى إليه بكل الطرق، حتَّى لو سرق أقرب المقربين إليه، وإذا لم ينجح قد يدفعه ذلك إلى ارتكاب الجرائم، من أجل المال، لدرجة أنَّ الابن قتل أباه؛ لأنَّه في هذه اللحظة مسلوب الإرادة، فاقد العقل، كل ما يسيطر عليه هو الرَّغبة في الحصول على المخدر.
4- ولإدمان المخدِّرات أثر ضار على الدَّخل القومي؛ نتيجةَ المبالغ الضَّخمة التي تُهرَّب إلى الخارج بالعُملة الصعبة غالبًا؛ لاستجلاب تلك السموم الفتَّاكة إلى داخل المجتمع، فتفترس هذه السُّموم اقتصادَ المجتمع وتخربه.
5- وأسوأ ما في الإدمان أنَّه قد يُؤدي بصاحبه إلى الإصابة بأخطر أمراض العصر، وهو: الإيدز، الذي يدمر جهاز المناعة في جسم الإنسان، فيصبح الجسم فريسة لكل الأمراض.
6- وتحت تأثير المخدِّرات يكره المدمن ذاته، ويسبب كثيرًا من الأضرار لمن حوله، من أفراد أسرته وأصدقائه وزملائه، أضرار مادية ومعنوية، وقد يدفعه الإدمان إلى التفكير في الانتحار.
وهكذا فسد الفرد، وما دام الفرد قد فسد، فإنَّ مجتمعه هو الآخر في خطر، فعلى كل عاقل أنْ يُحاول قدر طاقته محاربة هذا الوحش الخامد بداخله، وهو إدمان المخدِّرات.
وعلى العاقل أن يدرك الجوانب الخفية في العلاقات السريَّة بين أقبح مظاهر الإدمان في العصر الحديث، التي ابتلي بها الإنسان، الذي خلقه ربَّه في أكمل صورة؛ ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 4]، وزيَّنه بنعمة العقل الذي يستطيع به أن يفرق بين الذي ينفعه والذي يضره، وإنَّنا لا نجد شيئًا أمر الله به إلا وفيه فائدة الخلق، أو حرمه إلا وفي إتيانه ضررُ الخلق.
فَلْيَعِ كل إنسان أنَّ الإسلام بدعوته القويَّة الواعية طَالَبَ بما فيه سعادته، من عمارة الكون، ومن حفظ المال، وحفظ النفس، وجعل الموت في سبيل صيانتها من أعظم أنواع الشهادات؛ فعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ))؛ رواه الترمذي (1421)، والنسائي (4095)، وأبو داود (4772)، وصححه الألباني في “إرواء الغليل” (708).
هل المخدرات حرام؟:
قال تعالى: ﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الأعراف: 157].
نهى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن كُلِّ مُسْكِر ومُفْتِر، والمفتر هو كل ما يورث الفُتُورَ والخَدَرَ في الأطراف، وهو ما ينطبق على المخدِّرات؛ حيث جاء في الحديث: “حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو عَن الحكَمِ عَن شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ – صلَّى الله عليه وسلَّم – عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفْتِرٍ”؛ أخرجه أحمد والأربعة، وصححه ابن حبان.
ويدخل في الخمر كلُّ مُسكر، سواء كان مائعًا أم جامدًا أم سائلاً أم مطبوخًا، وفي ذلك روى أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، عن النُّعمان بن بشير قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ من الحنطة خمرًا، ومن الشعير خمرًا، ومن الزبيب خمرًا، ومن التمر خمرًا، ومن العسل خمرًا))؛ زاد أبو داود: ((وأنا أنهى عن كل مسكر)).
عودة إلى الدوافع والعلاج:
وبعد كلِّ ما سبق نستطيع أن نخلص إلى أنَّ دوافعَ سُقُوط الشباب في دائرة الإدمان تتمثل في:
1- عدم الاهتمام من قِبل الوالدين بأبنائهما، سواء بالانشغال عنهما، أم بعدم مراقبتهما لأبنائهما، ومن ثم نُناشد كل أب وكل أم ضرورة الاهتمام بالأبناء، والمراقبة الدائمة لتصرفاتهم.
2- لجوء بعض الآباء والأمهات إلى القسوة والعُنف في تربية الأبناء؛ مما يدفع الأبناء إلى الهروب من هذه القَسوة للبحث عن الصَّدر الحنون، وقد يكون هذا الصدر الحنون هو الطامة الكُبرى الممثلة في أصدقاء السُّوء، أو غيلان المخدِّرات.
ومن ثم فالحلُّ يكمُن في ضرورة أن يلجأ الآباءُ إلى الحب، ومُعاملة الأبناء معاملة تجمع بين الشِّدَّة واللين.
3- عدم اهتمام المدارس والجامعات بالشَّباب، والاقتصار فقط على تقديم المناهج العلميَّة، كما أنَّ الفراغ الذي يعيشه طلابُ الجامعة، وعدم الحرص على الانضباط الذي يسَّرته له الجامعة، دفع الكثير من الشَّباب إلى اللهو والعبث، ومن ثم نناشد المدارس والجامعات ضرورة العناية بالشباب، وتكثيف النَّدوات الخاصة بتبصيرهم بمخاطر الإدمان، وتوقيع الكشف الطبي الدَّوري على الطلاب.
4- حالة الفراغ والبطالة التي يعيشُها كثير من الشباب؛ مما يدفعهم إلى الهروب من واقعهم المؤلم، ومن لَوم المحيطين بهم، فيلجؤون إلى وسيلة تفصلهم عن اللائمين، فينزلقون في دائرة الإدمان أو الإرهاب.
ومن ثم فالحلُّ هو الصبر على هؤلاء الشباب، ومحاولة إيجاد فرص العمل لهم، وهذا الحل ليس ببعيد أو صَعْبٍ على المسؤولين.
5- ضعف الوازع الديني، وعدم التماسُك، وقِلَّة المعرفة بأمور دينهم، وعلاج هذا: غرس القيم الدينية هو الأفضل في مُواجهة مشكلة الإدمان، ومن لديهم استعداد للإدمان؛ أي: العلم المدعم بالإيمان هما معًا أقوى الأسلحة في مواجهة المخدرات.
ومن هنا نناشد رجال الدين والخطباء والفُقهاء أنْ يُكثفوا خُطَبَهم في مثل هذه الظاهرة، فنادرًا ما نجد خطيبًا يقف على المنبر، ويتناول هذه الظاهرة، بل ظلوا يتمادَوْن في خُطَبِهم المكررة.
6- تقصير المسؤولين بالدولة والشُّرطة في الأحكام الرادعة لكلِّ مَن يتعاطى أو يتاجر في المخدِّرات، لدرجة أنَّهم فرقوا في العقوبة بين المتعاطي والمتاجر، أرى أنه لا بُدَّ من الحزم، ولا فرق بين من يتعاطى، ومن يتاجر حتَّى يتَّعظ الباقون، ومن هنا نناشد كل الهيئات محاربة هذا الوحش الفاتك.
المخدرات مخطط استعماري:
المخدرات سلاح بيد الاستعمار يُحاول به إبادة الشُّعوب الضعيفة، والدَّوافع وراء ظاهرة الإدمان هي: كبت طاقات الشَّباب وحبس قُدرتهم، وفرض الحصار على أفكارهم؛ حيثُ لا نشاط، ولا فكر، ولا تعبير.
إنَّها حرب مدمرة تدمر كل شيء:
كانت بلادنا قد تعرَّضت لنفس هذه النوعية من الحروب، بعد الحرب العالمية الأولى انتشر تعاطي الهيروين والكوكايين بصورة رهيبة، ولكن الجهود تضافرت حتى اختفت هذه الأنواع من السموم.
وبعد حرب التحرير عام 1973، واسترداد سيناء، انتهزت العصابات العالمية الفرصة لترويج الهيروين والكوكايين؛ إذ إنَّ هذه الأنواع من السُّموم مدمرة وقاتلة.
الحرب هي حرب العقول المسمَّمة، والأجساد المدمرة، التي تكون أدواتها المخدِّرات التي يروج تجارتها عن قصد في بلادنا، عن طريق أيد خفية؛ للقضاء على كل جوانب العقل والجسم تدريجيًّا إلى أن يصلَ إلى حد الضياع ثم الموت.
فهَيَّا لنستعد لهذه الحرب، ونخطط لخوضها تخطيطًا سليمًا، حتى يكتب لنا النصر، وندرك شبابنا وأمَّتنا قبل الانهيار، والكل مسؤول: الفرد والأسرة والمدرسة والجامعة، والدولة ورجال الدين، فلكل دوره، ولا بُدَّ أن يفي كل منهم بدوره؛ حتى نقمع هذه الظاهرة.

13508960_302147446794394_3043434765969449195_n 13528846_302146940127778_8044904721103918767_n م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى